من المعلوم أن تسمية كتاب اليهود “العهد القديم” قائمة على فكرة العهد بين الرب وشعب إسرائيل وهي من الموضوعات الرئيسية في العهد القديم؛ وأن ساحة أحداث هذا العهد والوفاء به هي أرض فلسطين. فنجد أن التوراة تسرد لنا بداية تاريخ البشرية كخلفية وتمهيد لظهور إبراهيم عليه السلام الذي به يبدأ تاريخ هذا العهد. ونجد أن الله يرسل إبراهيم إلى مدينة حاران (في تركيا حاليًا) إلى أرض كنعان، وتظهر هنا للمرة الأولى العلاقة الأبدية بين نسل إبراهيم والأرض: “لنسلك أعطي هذه الأرض” (التكوين 12: 7). فيبدأ يدب في قلب إبراهيم الإحساس والإدراك بأن هذه الأرض ستصبح لنسله في المستقبل فيبدأ في إقامة العلاقات فيها بطرق مختلفة، فيجوب جميع أنحائها ويحارب فيها (محاربته ملك عيلام)، ويشيد “المذابح” ويحفر الآبار، ويغرس الأشجار، ويشتري قطعة أرض في حبرون. وتتكرر الوعود الإلهية لإبراهيم لتؤكد على العهد، ولأول مرة يرسم العهد مع إبراهيم حدود الأرض: “من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات” (التكوين 15: 18). فنجد أن العهد هذه المرة قد حدد حدود هذه الأرض ولم يكن العهد مطلقًا كما كان في الإصحاح 12: 7.